اهم من كسب المواقف

كسب القلوب اهم من كسب المواقف

  • كسب القلوب اهم من كسب المواقف

اخرى قبل 5 سنة

كسب القلوب اهم من كسب المواقف

 د.سالم حسين سرية

بات الانسان الفلسطيني في الشتات وداخل الوطن في حالة حيرة وقلق على مصيره المستقبلي لا يعرف الى اين يسير قاربه منذ اوسلو وحتى الآن .كان موعودا بحلم دولة على بعض فلسطين وها هو الحلم يتهاوى بسبب الضعف العربي المتهالك والضعف الفلسطيني المشرذم . فعندما وافقت اسرائيل على توقيع اتفاقية اوسلو كانت تعتقد انه من الافضل لها وضع حركة التحرر الفلسطينية تحت محط انظارها تلجمها متى تشاء وتروضها بسياسة العصا والجزرة وتخترقها ووافق الطرف الفلسطيني على اوسلو من منظور وطني ليكون قريبا من شعبه ويستعين بالقوانين الدوليه وشرعيتها ليؤسس هيكل دولة ومؤسساتها على امل انقاذ ما يمكن انقاذه في ظل ظروف عربية ودولية متردية جدا وتزداد سؤا يوما بعد يوم .وهكذا بدأ صراع الأضداد. وصار وضع السلطة وسياساتها كمن يسير على حبل السرك المرتفع كثيرا عن الارض .وبالتالي يمكن ان يقع ويلقى حتفه في حالتين .اولا اذا فقد التوازن او اذا قطع الحبل لسبب او لآخر .وسياسة التوازن دقيقة جدا تتطلب حنكة ومراوغة .وهذا ما راهن عليه المرحوم ياسر عرفات .حيث كان يوازن بين معاناة شعبة من جهة وبين شروط اوسلو وقيودها ثم ينحاز الى شعبه وتطلعاته بصيغة او بأخرى ولوضع حد لهذا الانحياز تم اغتياله وعندما حاولت الجبهة الشعبية ان توجع اسرائيل باغتيال وزير صهيوني تم اغتيال ابو علي مصطفى فورا وهكذا الحال مع الاغتيالات لقيادات حماس والزج بالسجون لمروان البرغوثي ومحمود سعدات وغيرهم من القيادات. واعتمد الكيان الصهيوني على سياسة الاستيطان المتواصل وبناء الجدران العازلة والبطش بلا حدود لكل من يؤذيه او يؤرقه او يحول دون سياسة الهدنة والتعايش معه فالهدنة والسكوت على كل ما يجري هو مطلبه الاول والاخير ومن يشذ عن ذلك تسحب منه كل الامتيازات التي منحتها اوسلو له او ان يعتقل او يقتل وكل اجراء يتخذ بحقه حسب الخطورة التي يشكلها عليه.ومرت الايام ودارت الايام حوالي ربع قرن على اتفاقية اوسلو وحقق الطرف الصهيوني انجازات كثيرة على الارض : ابتلع اراضي كثيرة وقطع الارض بالمستوطنات والجدران العازلة واصبحت اراضي ال67 عشرات الجزر المتناثرة ولم يلتزم بالإتفاقيات التي وقعها ووضع معايير للتعامل مع الضفه والقدس وغزة ومناطق ال48 باشكال مختلفة . فهو رقيق الى حد ما بالضفة وحصار وقصف وعنف في غزة وديمقراطي الى حد ما في مناطق 48 وغير متساهل في القدس .حيث ان للقدس خصوصية مميزة ذات ابعاد دينية توراتيه تشرعن وجوده ويحلم باعادة بناء الهيكل المزعوم فيها..وعلى الجانب الفلسطيني لم تجري الرياح بما تشتهي السفن لإنجاز حلم الدولة ولكن تحققت انجازات سياسية وطنية كثيرة على الصعيد الدولي واصبح لنا قاعدة جغرافية نستند عليها بعد ان ضاقت بنا اراضي العرب وتم تأسيس المؤسسات وبفضل فخ الديمقراطية وصدق توجهاتها هيمن الاسلام السياسي على غزة وتمترس فيها وخلق شرخا داميا (جغرافيا وسياسيا وسكانيا )في الجسم الوطني الفلسطيني.وكنا بمصيبة واحدة (الاحتلال ) فاصبحنا بمصيبتين (الاحتلال والانقسام ). ومما زاد الطين بلة دخول اطراف عربية تتحرك باجندات خارجية على مجريات الخلاف الفلسطيني الفلسطيني لإضعاف الشرعية الفلسطينية . فالآن يتشكل تحالف ماركسي بين التنظيمات الشيوعية في غزة ذو لون ايراني يتناغم مع توجهات حماس الموغلة في تحالفها مع ايران واذنابها في العراق وبمباركة روسية . كما يتسلل النفوذ التركي عبر قطر .ويزداد الضغط على الطرف الفلسطيني من قبل الاطراف العربية التي تمارس التطبيع مع الكيان الصهيوني باستحياء وتحت مبررات مختلفة .وبتوجيه فاعل ومؤثر من قبل ادارة ترامب الصهيونيه التي تقود الاوركسترا لارغام الطرف الفلسطيني الوطني على الرضوخ والإستسلام تارة بقطع المساعدات وتارة بنحر مكتسباتها السياسية واخيرا عبر حث الدول على نقل سفاراتها الى القدس .وامام كل هذه المعطيات الموضوعيه والشائكه كيف سيتحرك ابو مازن على حبل السيرك هذا الذي سرعان ما يهتز كلما تواترت الاعمال الفدائية البطلة المتعددة الالوان وسرعان ما يفقد سيادته التوازن السياسي لانه في نهاية المطاف منحاز لشعبه .وهنا يتسائل المواطن الفلسطيني البسيط الى متى نبقى هكذا؟ويجرؤ آخر الى القول لو وافت المنية الرئيس ابو مازن (لاسمح الله واطال الله بعمره ) ماذا نحن فاعلون ؟؟ هل سنهوي على الارض ؟ وهل نحن مقبلون على حرب اهليه بين مؤيد لبقاء السلطة وبين رافض لبقائها ؟ كحال الصراع بين الاتجاه الحسيني والاتجاه النشاشيبي في التاريخ الفلسطيني ؟ وهذا الإحتمال الأخير وارد جدا في اجندة الكيان الصهيوني وليس من وحي الخيال . ان عجلة الصراع بين الضدين الفلسطيني والصهيوني تتصاعد يوما بعد يوم وحنكة المراوغه بين احد الضدين لها حدود . ان ما يثير السخط والغضب ان حماس لا ترى بشكل واضح ما يخبؤه المستقبل وتتمادى في سلوكها وتخبطها السياسي كأنها تقود سلطة بديلة عن السلطة الشرعيه (لقاءات هنية مع خامنئي ولقاء الزهار مع الرئيس اللبناني ميشال عون وكذلك لقائه مع بري ومخاطبة حماس للامين العام للامم المتحدة .. وقس على ذلك) .ولا تدرك حماس انه اذا انهيت السلطه بشكل او بآخر فان السكين ستحز رقبتها بشكل او بآخر عاجلا ام آجلا وسيدفن المشروع الوطني الى الأبد. انه اذا اتيح لحماس ان تحكم غزة فمن سابع المستحيلات ان يسمح لها بحكم الضفة اطلاقا فهذه اضغاث احلام .فلماذا كل هذه المشاغبات التي تقوم فيها بالضفة بين الفينة والفينه ؟ وتبطش بقيادات فتح في غزة وتضيق الخناق عليهم ؟ وتخوض حملة اعلامية شعواء على السلطة ورموزها عبر منصاتها الالكترونية وعبر الفيديوهات المفبركة ؟ (وطبعا فتح ترد الصاع صاعين اعلاميا ) . ان المواطن الفلسطيني يعتريه الحزن والأسى على الحالة التي وصلنا اليها . ورب قائل يا أخي مستحيل ان يلتقي طرف مقاوم مع طرف مستسلم !!!اقول وبالفم الملآن انه اذا تم تصفية النوايا وتصفية القلوب وادراك خطورة المرحلة يمكن ان يلتقي الطرفان . و رحم الله الامام الشافعي حين قال :ان كسب القلوب اهم من كسب المواقف فحماس بكل صواريخها لن تتمكن من تحرير شبر من فلسطين (ربما تؤذي العدو وتؤرقه وربما تفيدنا دفاعيا ) كما ان السلطة لم تستسلم ابدا ولن تستسلم ابدا لأن لها رؤيتها الوطنية الخاصة بها كفى هراء وتشكيك من الاصوات التي تندلع هنا وهناك وهي بعيدة عن جمر الصراع وكفى مزايدة وتنظير على الصامدين بوجه الاحتلال .ورغم قناعتي المطلقة بانه لا يمكن تحرير فلسطين الا بحرب الشعب الطويلة المدى وبمنطق اضرب واهرب وهذا ملاذنا الاخير وستنجبه المرحلة القادمة بعون الله الا ان علاج وضعنا المريض والضعيف هو ضرورة مستقبلية ومصيرية قبل فوات الأوان .فالمصالحة لا تعني الإستسلام لأوسلو ابدا والمصالحة لا تعني انتزاع السلاح من حماس وترويضها .ان المصالحة مطلوبة لإعادة بناء البيت الفلسطيني على اسس جديدة وديمقراطية تقرأ الواقع بموضوعية لتبعث من جديد .. وما دام السفينة يقودها اكثر من ربان لابد ان تغرق .والله المستعان على الذين لا يتعظون من التاريخ ولا يأبهون ما سيكتب عنهم في قادم الايام ..

 

 

•          

 

التعليقات على خبر: كسب القلوب اهم من كسب المواقف

حمل التطبيق الأن